0 معجب 0 شخص غير معجب
في تصنيف حلول المناهج التعليمية بواسطة (533ألف نقاط)
أبيات الشاعر مالك بن الريب رثاء الذات نسبة قصة حياتة الذاتية كاملة

 مالك بن الريب بن حوط بن مازن . ولد في أول دولة بني أمية ، في بادية بني تميم بجوار البصرة ، وعُرف عنه أنه كان من أجمل العرب وجها، وأبينهم بيانا، حيث امتاز شعره بفصاحة الألفاظ، وسهولة وعذوبتها . يغلب على شعره ( وحدة الموضوع )، كما كان - أيضاً - شجاعاً فاتكا لا ينام إلا متوشحاً سيفه ناهض الدولة الأموية وحاربها إلا أن ( سعيد بن عثمان بن عفان والي معاوية على (خراسان ) أقنعه بالعدول عن ذلك فصاحبه مالك بن الريب حتى انتهت ولايته، ثم عاد معه آيبا إلى بلاده بالبصرة . أن يبرح بعيدا عن خراسان أحس مالك بوطأة الموت ، فطلب من شخصين يرافقانه أن يبقيا معه ليتوليا أمر دفته فكان له ذلك وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة نظم قصيدة فريدة من نوعها ، ضمنها أصدق المشاعر والأحاسيس الإنسانية لمعاناة شخص يفقد حياته بعيداً عن أهله ووطنه، كانت وفاته عام ٦٠ هـ ٦٨٠م تقريباً.

١ - الاليت شعري هل ابتين ليلة

 بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا

٢ - لقد كان في أهل الغضا لودنا الغضا

مزار ولكن الغضا ليس دانيا

٣ - فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا

برابية، إني مقيم لياليـــــــــا

٤ - وقوما إذا ما استل روحي فهينا

لي السدر والأكفان ثم ابكيا ليا

٥ - ولا تحسداني بارك الله فيكما

من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا

 

٦ - خذاني فجراني ببردي إليكما

فقد كنت قبل اليوم صعباً

٧ - تذكرت من يبكي علي فلم أجد

سوى السيف والرمح الرديني باكيا

٨ - وأشقر خنذيذ يجر عنانه

إلى الماء لم يترك له الدهر ساقيا

٩ - ولكن بأطراف السمينة نسوة عزيز عليهن العشية مابيا

١٠ - فمنهن أمي وابنتاها وخالتي وباكية أخرى تهيج البواكيا

بينما كان الشاعر عائداً إلى وطنه ألم به إحساس أشعره بدنو أجله فتمنى لو تسمح له الأقدار - قبل مفارقته للحياة - برؤية موطنه وأهله ولو لليلة واحدة يستمتع فيها بشجر الغضا الذي ينبت في أرضه وبلقاء أحبته وأهله وبملاحقة النوق المسرعة الجيدة - كما كان يفعل من قبل - ولكنه يرى أن أمنيته هذه لن تتحقق نظراً لبعد المكان الذي هو فيه عن موطنه. ولم تمض لحظات حتى استبد به الشعور أن منيته حانت وأنه لا محالة مفارق الحياة فقال المرافقيه : إنه سيبقى في هذا المكان إلى الأبد، لأن وفاته أوشكت، وطلب منهما أن يبقيا معه بعض الوقت ليتوليا دفنه. وأوصاهما أن يحضرا له الأكفان ويغسلا جسده بشجر السدر الطيب، وترجاهما أن يوسعا له في قبره، ولا يبخلا عليه برقعة الأرض التي ستؤويه فأرض الله واسعة، وفيها متسع. كما تمنى عليهما أن يجراه بلطف إلى قبره مذكراً أنه كان قبل يومه هذا شديد البأس صعب المراس لا يجرؤ أحد على جره.

ثم يتلفت الشاعر حوله - وهو يعاني سكرات الموت - فيرى نفسه في صحراء مقفرة موحشة لاحبيب له فيها ولا شقيق سوى هذين الرجلين اللذين ينتظران وفاته ليوارياه تحت التراب . غير أن إحساساً بداخله أشعره أن سيفه ورمحه الملقيين بجانبه حزينان لفراقه ، وأن فرسه هو الآخر شديد الحزن عليه ، وقد بدا من ملامحه أنه منكس الرأس لعلمه أنه سيفقد صاحبه الوفي الذي كان يعتني به . ولم يستسلم الشاعر لثقل هذه اللحظات الموحشة التي يعيشها فقال : إذا لم أجد - هنا - أحدا من البشر يبكيني أو يتحسر علي فإن هناك نسوة في بلدي سيبكين كثيراً على ما حل بي ، ثم يطلق العنان لخياله فيرى من بين الباكيات عليه أمه وأخواته وخالته ، ثم يمعن في التحديق ، فيرى باكية أخرى أعلاهن صراحاً وأكثرهن تهييجاً لمن حولها، فيعلم أنها زوجته ( وقيل في رواية أنها ابنته ).

تمكن مالك بن الريب في قصيدته هذه من وصف مشاعره وخلجات نفسه بأصدق ما يكون عليه الإنسان عندما تحل به الوفاة بعيداً عن أهله ووطنه ولكي يوحي بما يجيش في صدره من عواطف عاصفة تجاه موطنه نراه يردد لفظة ( الغضا ) أربع مرات في البيتين الأول والثاني وهذا التكرار يرمز إلى تعلقه بالحياة التي ألفها، وذكرياته المرتبطة بأهله ومسقط رأسه، والتي تجري في نفسه مجرى الدم، ثم يصور الشاعر في الأبيات الأربعة التالية من ( ٣ - ٦ ) بأسلوب بلاغي جميل أدق التفاصيل لتلك اللحظات المؤلمة التي عاشها قبل وفاته . ففي البيت الثالث يطلب من صاحبيه أن يبقيا معه بعض الوقت ويستخدم لذلك صورة بلاغية موحية بقوله : ( فانزلا برابية ) كناية عن المكوث معه بعض الوقت ولكي يزيد المعنى وضوحاً لموقفه استخدم عبارة ( إني مقيم ليانيا ، وهي كناية عن بقائه الأبدي في هذا المكان الذي حل به.

وفي البيتين الرابع والخامس عرض مطالبه التي تتسم بالبساطة في جمل بلاغية غاية في التأثير ) هيئا لي السدر والأكفان .. » و « ... أن توسعا ليا ، وكأنه أراد بذلك الإيحاء أن تلك المطالب هي أقصى ما يطلبه الإنسان عند مفارقته للحياة، كما استخدم الاستعارة في البيت الرابع ) استل روحي .... حيث شبه الروح وكأنها سيف ينتزع من غمده وقد أسهمت هذه الصور البلاغيه في وضوح المعنى وإبراز بيانه و مقاصده.

وفي البيت السادس لم يغفل الشاعر أن يذكرنا بمجده الغابر وعلو شأنه. وليبين لنا ذلك استعان بصورة بلاغية موحية في قوله : ( كنت قبل اليوم صعبا قياديا ، وهي كناية عما كان عليه من شدة البأس والمنعة والعزة.

وفي البيتين السابع والثامن صورلنا الشاعر مدى بؤسه وشقائه لما يعانيه من وحدة في محنته هذه من دون أن يرى أحداً يتألم لمصابه سوى متاعه وفرسه، ولإيضاح مقاصده استخدم الاستعارة المكنية في عبارة : السيف ... باكيا، حيث جعل السيف والرمح يبكيان كالإنسان ثم حذف المشبه به وأتى بشيء من لوازمه ( البكاء ) وأيضا الاستعارة المكنية في ( الدهر ساقيا ) . واستخدم - أيضا - الكناية في البيت الثامن في عبارة ( أشقر خنذيذ ) حيث صور لنا فرسه بأنه كثير العرق كناية عن كثرة ركضه وسباقه للخيل.

وأخيراً يختتم الشاعر قصيدته هذه بلوحة فنية درامية مليئة بالحزن والأسى حيث صور فيها نسوة بلاده، قد أصابتهن الفجيعة بوفاته فأخذن يصرخن ويبكين بأعلى أصواتهن . ثم يضيف إلى هذه اللوحة الفنية صورة أخرى أكثر مأساوية وإيلاماً حيث صورلنا زوجته أعلى الباكيات صراحاً وأكثرهن حسرة وأقدرهن على التأثير فيمن حولها ليزددن بكاء وعويلاً، وقد استخدم لإبراز هذه الصورة المليئة بالحركة التعبير الجميل الموحي : ( ... تهيج البواكيا ) وهكذا قدمت لنا هذه الأبيات الشعرية صورة لأدق المشاعر والأحاسيس الإنسانية وأكثرها جلاء ووضوحاً لمعاناة مأساوية قل ما نجدها في شعرنا العربي.

إجابتك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
نحن نحرص على خصوصيتك: هذا العنوان البريدي لن يتم استخدامه لغير إرسال التنبيهات.

2 إجابة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (533ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
أبيات الشاعر مالك بن الريب رثاء الذات نسبة قصة حياتة الذاتية كاملة
0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (533ألف نقاط)
ولكن بأطراف السمينة نسوة عزيز عليهن العشية مابيا

اسئلة متعلقة

0 معجب 0 شخص غير معجب
2 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
0 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
سُئل سبتمبر 19، 2019 بواسطة مجهول
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
سُئل نوفمبر 4، 2021 في تصنيف حلول المناهج التعليمية بواسطة afhamni (533ألف نقاط)
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة
...